الأزمة السياسية في السودان: الأسباب والسيناريوهات المستقبلية

  

Zaher Almnzoma Alaalmy Mr.zett

 

الأزمة السياسية في السودان: الأسباب والسيناريوهات المستقبلية

Almnzoma Online

مقدمة:

يعيش السودان منذ سنوات في دوامة من الأزمات السياسية المتكررة، التي أثرت بشكل كبير على استقراره الداخلي وتماسكه الاجتماعي. تتنوع الأسباب بين صراعات السلطة، وتباينات الأيديولوجيا، وتدخلات خارجية، في حين يظل المواطن السوداني هو المتضرر الأكبر من هذه المعاناة المستمرة. فهل هناك مخرج واقعي من هذه الأزمة؟ وما هي السيناريوهات المحتملة في المستقبل؟

---

جذور الأزمة السياسية في السودان:

لا يمكن فهم الأزمة الحالية دون التطرق إلى جذورها التاريخية، حيث مر السودان بمحطات معقدة من الانقلابات والحروب الأهلية والانقسامات منذ استقلاله عام 1956.

ومن أبرز ملامح هذه الجذور:

1. غياب الديمقراطية المستدامة: لم تعرف البلاد تداولًا سلميًا وطويل الأمد للسلطة، بل تعاقبت أنظمة مدنية وعسكرية قصيرة العمر.

2. ضعف المؤسسات: لم تُبنَ مؤسسات سياسية واقتصادية قوية تضمن توازن السلطات واستمرارية الحكم الرشيد.

3. الهوية والانتماء: تفاقمت الأزمات بسبب خلافات عرقية وجهوية ودينية، ما زاد من الانقسامات المجتمعية وأدى إلى انفصال جنوب السودان في 2011.

4. الإرث الاستعماري والاقتصادي: خلف الاستعمار بنية هشة، تفاقمت بفعل السياسات الاقتصادية المرتجلة، وغياب التنمية المتوازنة.

---

أسباب تفاقم الأزمة بعد الثورة:

شهد السودان ثورة شعبية كبرى في ديسمبر 2018 أطاحت بحكم عمر البشير، وفتحت باب الأمل في انتقال ديمقراطي. لكن ذلك الأمل تراجع بسبب عدة عوامل:

الصراع بين المدنيين والعسكريين: منذ البداية، كانت العلاقة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري متوترة، ما أدى إلى اتفاق هش حول الفترة الانتقالية.

تعدد المبادرات وتشتت القوى السياسية: كثرة المكونات السياسية وضعف التنسيق جعل من الصعب التوصل إلى رؤية موحدة لإدارة المرحلة الانتقالية.

التدخلات الإقليمية والدولية: أصبح السودان ساحة تنافس بين قوى إقليمية مثل الإمارات والسعودية ومصر وتركيا، بالإضافة إلى ضغوط دولية اقتصادية وسياسية.

الوضع الاقتصادي المتدهور: التضخم، انهيار العملة، وندرة السلع جعلت المواطن يفقد الثقة في كل المكونات السياسية، ما أضعف الحاضنة الشعبية لأي حكومة

---

مواقف الأطراف الرئيسية في الصراع:

المجلس العسكري:

يرى نفسه الضامن للاستقرار والوحدة الوطنية، ويبرر تدخله في السياسة بأنه ضرورة أمنية، خصوصًا بعد اندلاع النزاعات المسلحة في دارفور وكردفان.

القوى المدنية:

تنادي بحكم مدني كامل وتصف تدخل العسكر بأنه انقلاب على أهداف الثورة. لكن الانقسامات بين مكوناتها أفقدتها الزخم والدعم الشعبي.

الشارع السوداني:

تعب المواطن من التجاذبات، ويطالب بحلول عملية توقف النزيف الاقتصادي وتعيد الحياة الطبيعية. فالكثيرون فقدوا الأمل في كل النخب السياسية.

---

السيناريوهات المستقبلية:

في ظل هذه التعقيدات، يمكن رسم ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل السودان السياسي:

1. انتقال سياسي شامل وسلمي:

يتطلب هذا السيناريو توافقًا وطنيًا واسعًا، يعيد بناء الثقة بين المكونات المدنية والعسكرية، ويؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة. ويعد هذا الخيار الأفضل، لكنه الأصعب في ظل الواقع الحالي.

2. استمرار الوضع القائم:

وهنا يظل الجمود السياسي مسيطرًا، مع استمرار الأزمات المعيشية واحتجاجات متقطعة. هذا السيناريو مرهق، لكنه الأكثر واقعية حاليًا ما لم تحدث تغييرات جوهرية.


3. انفجار داخلي أو تدخل خارجي:

قد يؤدي الاستقطاب السياسي المتزايد إلى حرب أهلية أو تفكك الدولة، خاصة إذا تدخلت أطراف خارجية بشكل مباشر، أو ظهرت حركات انفصالية جديدة.

---

الحلول المقترحة:

إن الخروج من الأزمة يتطلب رؤية استراتيجية وطنية، وقرارات شجاعة تشمل:

  • حوار وطني شامل بمشاركة كافة القوى السياسية والمجتمعية دون إقصاء.
  • بناء مؤسسات مستقلة فعالة، لا تتبع أي حزب أو جهة.
  • إصلاح اقتصادي حقيقي يخفف من معاناة المواطن.
  • وقف التدخلات الخارجية عبر سياسة خارجية متوازنة.

---

خاتمة:

السودان بلد غني بموارده، وشعبه يملك طاقات جبارة وقدرة على تجاوز المحن. لكن ذلك يتطلب إرادة حقيقية من النخب السياسية والعسكرية، ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.


يبقى السؤال مفتوحًا:

  • هل ستُثمر التضحيات التي قدمها الشعب؟
  • أم سيبقى السودان حبيس صراع لا ينتهي؟



Almnzoma Online
رئيس التحرير:
زاهر المنظومة العالمي - زاهر مستر ظط. 


تعليقات
واجهة أدوات المنظومة أونلاين

🎯 واجهة أدوات المنظومة أونلاين

💡 اضغط على زر و انتقل بسرعة إلى الأدوات الرقمية المجانية
🧠 أوامر الذكاء الاصطناعي
© جميع الحقوق محفوظة - المنظومة أونلاين



🛒 تسوق الآن