[ AO ]
تغطية للمشهد السياسي السوداني:
✍️ كتب بواسطة: اكتشف الجديد مع المنظومة أونلاين، و حتى تفهم َمنهج الرباعية للسلام، المشهد الميداني والتحولات الاستراتيجية. ]
مدخل عام:
المنظومة أونلاين متخصصون في تصميم المكاتب والمواقع والمتاجر والنوافذ الإلكترونية. يأتي هذا المقال الذي بعنوان "[حتى تفهم َمنهج الرباعية للسلام، المشهد الميداني والتحولات الاستراتيجية]" في إطار منهج مدونة المنظومة أونلاين، ضمن تصنيفي "[المنظومة للاخبار ]" و "[اخبار سياسية]".
مقدمة المقال
في الأيام الأخيرة شهدت مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور تحولات ميدانية مفصلية، فقد سقطت عمليًّا في قبضة قوات الدعم السريع، أو على الأقل اختُبرت جدّية الاستيلاء عليها.
هذا التطور لا يُمكن فهمه بمعزل عن السياق العام للصراع، بل هو انعكاس لمرحلة تماهٍ بين القوتين المتحاربتين، وارتباك في موازين القوة. سقوط الفاشر ليس حدثًا عسكريًا بقدر ما هو رسالة سياسية تُرسل إلى الداخل والخارج: تقول إن الدعم السريع قادر الآن على اقتحام خطوط دفاعية سبق أن بدت منيعة.
لكن ما ينبغي التنويه إليه هو أن السيطرة الميدانية ليست استيلاء كاملًا على الأرض، ولا هي بالضرورة تثبت سيطرة دائمة، خصوصًا في ظل مقاومة مرتقبة من قوات الجيش أو الفصائل المحلية. حتى الآن، حركة مناوي تنفي سقوط مقر الفرقة السادسة بالكامل، وتُصرّ على أن القوات المشتركة ما زالت تحتفظ ببعض المواقع. هذا التناقض يعكس ضبابية خطيرة في ميدان دارفور والمشهد الإعلامي، ويُفتح المجال واسعًا للاجتهادات السياسية والاستراتيجية.
خطاب مناوي: من الانتصار العسكري إلى التصريحات الوطنية
عندما تتابع تصريحات منـاوي بعد هذا التطور، تجد تحولًا لافتًا في النبرة. من الهتاف بـ «سننتصر» و«سنسقط حتى آخر نقطة» إلى حديث أكثر رصانة: “سقوط الفاشر لا يعني التفريط بمستقبل دارفور”، و”كل شبر سيعود لاهله”. هذا التبدّل ليس صدفة، بل يعكس إعلانًا ضمنيًّا عن جملة من الاعتبارات:
أولًا، هو اعتراف غير مباشر بأن الواقع قد تغيّر، وأن المقاومة أو الرد المكثف من الخصم قد يكلّف كثيرًا. فالتصريح يحاول تمرير أن الخسارة في الفاشر ليست خسارة مصيرية لمشروع حركة التحرير، بل تراجع تكتيكي.
ثانيًا، هذا الخطاب موجه إلى الداخل، ليعيد بناء الثقة بين مكوّنات دارفور التي قد تشعر بالخذلان أو الخوف من سيطرة غير محلية.
ثالثًا، هو خطاب موجه إلى الخارج، خصوصًا المجتمع الدولي، لعرض «مسحة إنسانية وسياسية» بديلًا عن خطاب عسكرة مطلق. هنا تُوظَّف عبارة “حماية المدنيين، تحقيق مستقل للمساءلة” كمخاطب للغرب والمراقبين، ليظهر منـاوي كرجل دولة، لا مجرد قائد ميداني لا يفهم سوى لغة السلاح.
وبالتالي، هنا تفهم منهج الرباعية من خلال تصريحات مناوي في وصف هذا التغيير بأنه محاولة لحفظ ماء الوجه، وتخفيف غضب الشارع، والاستجابة جزئيًا لضغوط العالم حول ملف الحماية والمدنيين.
و هنا نقوم بتلخيص منهج الرباعية في إدارة ملف سودان وفق الاتي:
تخفيف الضغط على الجيش بتوجيه دعوة إلى وزير الخارجية، في اليوم الثاني من المفاوضات الغير مباشرة بين الجيش و الدعم السريع في واشنطن.
منح الدعم السريع ضوء أخضر لإسقاط الفاشر حتى لا يستخدم تحالف بورتسودان فك حصار الفاشر كورقة ضغط لعرقلة الهدنه الإنسانية، إضافة رغبتها في تجول خطاب مناوي كما ظهر أعلاه
الرباعية والدعم السريع: تسوية تكتيكية ام تواطؤ ضمني؟
هنا تأتي نقطة بالغة الأهمية في تحليلنا: لماذا لم تضغط الرباعية (أمريكا، السعودية، الإمارات، مصر) على الدعم السريع لعدم إسقاط الفاشر، إذا كانت فعلاً تسعى لوقف النار والتهدئة؟ تبدو الصورة كما لو أن الرباعية اختارت التراجع عن الضغط على الوجهة الميدانيّة في الفاشر، حفاظًا على قدرة التحالف بين الأطراف على استخدام الفاشر كورقة تفاوض مستقبلية.
منطق هذه الرؤية هو أن الرباعية لا تريد أن تُختطف مسارات التفاوض بوجود ورقة قوية مثل فك الحصار أو تحقيق نصر ميداني كبير، يمتلكه “تحالف بورتسودان – الدعم السريع”. بمعنى آخر، إن الضغط على الدعم السريع لإيقاف إطلاق النار في الفاشر حينها قد يُسقط ورقة تفاوضية أساسية في يد التحالف، ويُضعف موقعه التفاوضي. وبذلك يُحافظ الداعمون (بعض أعضاء الرباعية أو وسطاءهم) على توازن دقيق بين الضغط على الجانبين، وعدم تمكين أحدهما من اقتناص الزعامة التفاوضية المطلقة.
بعض القراءات الإعلامية تقول إن اجتماع الرباعية في واشنطن مع وفدي الجيش والدعم السريع، والذي لم يُحقّق اختراقًا كبيرًا في خارطة الطريق، هو دليل على أن الرباعية تتحاشى صدامًا عسكريًا قاطعًا وتفضل إدارة الأزمة بدل حلها. كما أعلنت الرباعية أنها اتفقت على تشكيل لجنة مشتركة لدعم السلام، وهو مؤشر على تحويل النزاع من ساحات القتال إلى مكاتب التفاوض.
إذا صح هذا الفهم، فالأمر ليس تقاعسًا أو إهمالًا، بل حسابات دقيقة من الرباعية لعدم تمكين أي طرف من حيازة ورقة نصر ميداني تُستخدم لضغط الزائد في التفاوض. وهو ما يفسر تخلي الرباعية ظاهريًا عن الضغط العسكري في الفاشر، على الأقل في هذه المرحلة.
لماذا حرص الرباعية على ترك "ورقة الفاشر" حيه؟
كيف تتحول مدينة إلى ورقة تفاوضية؟ الإجابة تكمن في أن المفاوضات الكبرى غالبًا تُحكم بمعادلات القوة، وليس الحقوق وحدها. من يملك الأرض أو يسيطر على مفصل استراتيجي يُمكنه أن يزايد في التفاوض، يُذيّل شروطه، أو يلوّح بالعودة إلى القتال كخيار مشروع. إليك بعض الأسباب التي تجعل الرباعية تفضل ألا تُسقط هذه الورقة:
أولًا، إذا سُحِبَت الورقة تمامًا من أيدي الدعم السريع، فإن تحالفه يخسر ورقة عودة محتملة للحرب، ويُحرم من القدرة على التهديد بعودة الاشتباكات في حال فشلت التفاهمات.
ثانيًا، بعض أعضاء الرباعية أو الداعمين الخارجيين قد يُفضلون أن يكون هناك “قوة وسيطة” بين الطرفين؛ أي أن لا يُهيمن أحد الطرفين بلا منازع، بل يكون هناك توازن نسبي يتيح التفاوض المستمر، والحفاظ على نفوذ متبادل.
ثالثًا، استخدام الفاشر كورقة ضغط يُساعد في عرقلة أي هدنة تُفرض من جهة واحدة. فإذا تحرر الفاشر بالكامل بدون مقابل، سيقول أصحابها إنهم لم يُمنحوا ما يستحقّونه في التفاوض، وقد يعيدون إطلاق النار في مناطق أخرى.
رابعًا، في سيناريو مفاوضي ضعيف المصداقية أو تغيّر توازن القوى في وقت قريب، وجود ورقة قوية يُمكّن من تعديل الشروط لاحقًا؛ فإن أخفت الرباعية تلك الورقة الآن، فهذا تأخير مقصود لعدم إعطاء أحد الأطراف الأفضلية المطلقة.
بعبارة مجملة: الرباعية تفضل أن تبقى الفاشر “مفتوحة كاحتمال”، لا أن تُؤوَّل إلى مجرد موقع ميداني مكتمل بلا منازع – لأن ذلك قد يغيّر ديناميات التفاوض لصالح من يملك السيطرة المطلقة على الأرض.
مخاطر تعطيل الهدنة مقابل التوازن التفاوضي
لكن هذا الخيار ليس بلا مخاطرة، بل يحمل في طيّاته احتمالات كبيرة للتصعيد والفشل. إذ إذا تجاوز الدعم السريع بشكل فعلي الخطوط الحمراء في الفاشر وتحول الأمر إلى حصار طويل أو نزوح جماعي، فإن الضغوط الإنسانية والدولية قد تجبر الرباعية على التحرك الحاسم أو إدانته.
وعندما يكون المدنيون هم الضحية الكبرى، يصبح التذرع بـ “ورقة تفاوضية” ثقيلًا أمام شعارات حقوق الإنسان والإعلام الدولي.
كما أن تعثر التفاوض أو عدم ثقة أي طرف في التزام الجانب الآخر قد يدفع الطرف المتضرر إلى رفض الهدنة، أو خرقها من نقطة يراه مناسبة، ما يعيد الكرة إلى الميدان. وقد وصل الحال إلى أن بعض التقارير تشير إلى أن مفاوضات الرباعية قد تنهار، وأن الجيش يهدد بنزع الشرعية عن الدعم السريع إذا استمر في الموقف التصعيدي.
بالمقابل، إذا أراد الجيش أن يستعيد المبادرة، قد يحاول ضرب خطوط الدعم اللوجستي أو الضغط على تحالفات الدعم السريع في دارفور، وبالتالي فتح جبهات جديدة، مما يعقّّد دور الرباعية إن هي حاولت التدخل بضغط.
من ثم، فإن الرباعية تجد نفسها في معضلة: هل تستمر في تأجيل الضغط على الدعم السريع في الفاشر حتى تضمن قدرة التفاوض، مع احتمال أن يتعمق التوتر الإنساني، أم تدخل بقوة في الميدان وتفقد ورقة تفاوضية مهمة؟
رهانات المرحلة القادمة: مفاوضات أو تجاذبات مسلحة
بما أن الرباعية قد استدعت وفدي الجيش والدعم السريع إلى واشنطن لعقد مشاورات غير مباشرة، وتحدثت عن تشكيل لجنة مشتركة للسلام، فإن الطريق إلى التفاهمات المبدئية مفتوح، لكنه محفوف بالمطبات.
لكن هناك عدد من التحديات التي ينبغي أن تُواجه:
أولًا، الثقة المفقودة بين الطرفين؛ فالماضي زُرع فيه الغدر والتجاوزات، وأي خرق للاتفاق سيقود إلى عودة الحرب.
ثانيًا، الآليات الرقابية والإنفاذ؛ من سيُراقب وقف إطلاق النار؟ من يضمن أن لا تُخرق الخطوط؟
ثالثًا، مشاركة الفاعلين المحليين وعدم إقصاء حركات دارفور الأُخرى، وإدخال قضايا العدالة، والمساءلة والعرق السياسي إلى جدول التفاوض، وإلا سيُشعل الصراع من بوابة الشكاوى والامتيازات.
رابعًا، عامل الزمن: إذا طال أمد المفاوضات من دون نتائج ملموسة، فالقوى العسكرية قد تستعيد الزخم، وقد يُعاد توزيع القوى من جديد.
في هذه المرحلة، الرباعية – إذا أرادت أن تحقق اختراقًا – يجب أن تضغط باتجاه: وقف فوري لإطلاق النار، وآلية مراقبة دولية محايدة، وضمان عودة النازحين، وفتح ممرات إنسانية دون قيود، وربط أي تقدم ميداني بخطة سياسية واضحة ومعالجة ملف المساءلة من البداية.
خاتمة المقال
خلاصة وتوصيات: بين الميدان والتفاوض نلخصها في الاتي:
من خلال ما سبق، يمكن القول إن ما يجري في الفاشر لم يكن مجرد استيلاء عسكري عابر، بل فصل من فصول الصراع يُحاول فيه كل طرف استثمار الأرض في الميدان كسقف تفاوضي لاحق. الخطاب المتحوّل لمنـاوي هو مؤشر على إدراك أن العسكري وحده لا يكفي، وأن البعد السياسي والإنساني بات لا بدّ منه. أما الرباعية، فهي تلعب لعبة دقيقة، تحاول أن تمنع أي طرف من اقتناص “بطاقة تفاوضية مطلقة”، وتفضل تأجيل الضغط الميداني إلى أجلٍ سياسي، لكن هذا التأجيل ليس مطمئنًا، بل محفوف بالمخاطر.
إذا أردنا أن ننهي هذا الصراع إلى الأبد، فلا يكفي أن يُوقف إطلاق النار هنا أو هناك، بل يجب أن يكون التفاوض شاملاً، يعالج جذور الصراع (الهوية، الحكم، الثروة، العدالة، المشاركة). ومن لا يضع هذه الملفات في طاولة التفاوض، سيُعيد إنتاج نفس الأحداث من نقطة الصفر.
أن تبقى قضية حماية المدنيين في الفاشر وفي كل السودان مسألة على رأس أولويات المبادرة الرباعية، وليس “بضاعة تفاوضية قابلة للتأجيل”. لذلك جاءت تصريحات مسعد بولس إلى الدعم السريع مطالبها بإصدار تعليمات صارمه إلى كوادرها لحماية المدنيين، لو فهم الدعم السريع ذلك يكون كسب نقاط كثيرة.
أن يُطالَب بتشكيل آلية دولية مستقلة لمراقبة وقف إطلاق النار، وتقديم تقارير دورية، وليس الاعتماد على التزام الأطراف فقط.
أن يُشرك المجتمع المدني المحلي في دارفور في التفاوض، لا أن يُضم فقط في البيانات الصحافية.
أن تُربط أي تسوية سياسية بآليات للمساءلة والعدالة، حتى لا تُعاد دورة الإفلات من العقاب التي ولدت الصراعات.
أن لا يُترك الفاشر أو دارفور ورقة تفاوض تباع وتشترى، بل أن يُستعاد للأهل بكرامة، مع ضمانات أمنية وتنموية حقيقية.
رسالتنا:
في النهاية، إن سقوط الفاشر لن يمنح أي طرف الانتصار الكامل ما لم يقترن بفهم سياسي واقعي، وتسوية عادلة، وإرادة حقيقية للتعايش. الكلمات تهمّ، لكنها لا تكفي وحدها؛ والتحركات الميدانية قد تغيّر المعادلات، لكن من يعيد صياغة السلام الحقيقي هو من يبني الشروط التي لا تُرجع الناس إلى ويلات النزاع.
َو نحن في FW نتعامل مع المشهد بروح هذا المقال، لذلك مسبق الجميع بخطوات كثيرة.
يمكنك الاطلاع على بعض المنتجات الرقمية تقودك بشكل تلقائي، نافذة مواقيت الصلاة + نافذة سداد مالي + نموذج تسجيل عام + قالب رسائل بريد + سلة التسوق + مكتب رقمي للمنظمات و المؤسسات الخيرية.
كما يمكنك الاطلاع على مجموعة أدوات مجانية، شات المنظومة أونلاين + أداة تحليل نمط الدم + أداة قياس نمط القلب.
AO
المنظومة أونلاين


