أرض العصابة و تحويل السياسة الدولية إلى حرب عصابات، قراءة في إفرازات المشهد العالمي

     

المنظومة اونلاين

أرض العصابة و تحويل السياسة الدولية إلى حرب عصابات، قراءة في إفرازات المشهد العالمي


Almnzoma Online


أرض العصابة:

كيف تحولت السياسة الدولية إلى حرب عصابات؟ قراءة تحليلية قدمتها (مي عزام) في موقع الجزيرة، نقف في أهم ملامحها في المنظومة اونلاين

الرئيس الصيني (غيتي) القتال حتى الفناء: مسلسل “أرض العصابة” نموذجًا. في عالم تتهاوى فيه القيم والأخلاقيات الدولية، لم تعد الحروب تُخاض بالجيوش التقليدية وحسب، بل تحولت إلى صراعاتٍ عابرة للحدود، تُدار بمنطق العصابات الإجرامية: القوة الغاشمة، التصفية الجسدية، والابتزاز، والفضائح، وإبادة الخصم بأي ثمن.

ثم واصلت الكاتبة في التعمق في مقالها و كتبت..(أرض العصابة) Mobland مسلسل تلفزيوني بريطاني من إنتاج منصة “باراماونت+”، عُرضت أولى حلقاته في مارس الماضي، من إخراج المخرج الشهير غاي ريتشي وتأليف رونان بينيت، ويتكون موسمه الأول من عشر حلقات.

اخذت الكاتبة هذا المسلسل كاساس لانطلاق مقالها، حيث كتبت، تدور أحداث المسلسل حول الصراع بين عائلتين إجراميتين في لندن: عائلة هاريغان وعائلة ستيفنسون، بعد أن تورّط “إيدي هاريغان”، حفيد العائلة، في قتل “تومي ستيفنسون” الابن، لتبدأ من هنا حرب طويلة، تُظهر أن الحادث لم يكن سوى “القشة التي قصمت ظهر البعير”، فكراهية العائلتين وتنافسهما كانا كامنين تحت السطح منذ زمن.

و اضافت، تمثل عائلة هاريغان نموذجًا للإمبراطوريات القديمة ذات الصيت التاريخي، تعيش في ضيعة ضخمة أشبه بالقلاع الأرستقراطية الإنجليزية، رغم أن زعيمها إيرلندي الأصل. 

يحاول كبيرها “كونراد” الحفاظ على مكانته رغم تراجع أرباح تجارته بالهيروين. في المقابل، تزدهر تجارة عائلة ستيفنسون في المواد المخدرة المُصنّعة، “الفنتانيل”، وتزداد أرباحها واتساع نفوذها وتنجح في زرع جاسوس لها في عائلة هاريغان.

تصاعد الأحداث يُفضي إلى حرب شاملة مدمرة، يحاول فيها هاري دي سوزا، الرجل القوي الموثوق فيه الذي يدير مشكلات عائلة هاريغان، الحد من الكارثة عبر التحالف مع كات مكاليستر، زعيمة عصابة ثالثة، تطمح إلى وراثة العائلتين، وتسعى لاستمالة دي سوزا نظرًا لقدرته الفذة على التنبؤ بالأزمات وضبط انفعالاته في أحلك الظروف وقدرته على تخطي الصعاب، وتقدم له خدماتها وتخبره بأنه مدين لها.

إسقاط رمزي على الواقع الدولي الملتهب:

واضافت الكاتبة مي، فلسفة الصراع في المسلسل تعكس تمامًا واقع السياسة الدولية اليوم، حيث تتصرف القوى العظمى وكأنها “عصابات” لا يحكمها قانون دولي أو أخلاقي، بل منطق القوة والهيمنة والقتل دون مصوغ أخلاقي.

نهاية الموسم الأول تُظهر فناء عائلة ستيفنسون بالكامل. يمكن تفسير الصراع بين العائلتين كرمزية واضحة للصراع الجيوسياسي بين عائلة هاريغان التي تمثل الولايات المتحدة الأمريكية، القوة المهيمنة والتي في طريقها للزوال، وتحاول الاحتفاظ بنفوذها رغم تآكل أدواتها وركود اقتصادها.

عائلة ستيفنسون تمثل القوى الصاعدة، التي تعتمد على أدوات عصرية أقل كلفة، وأسرع انتشارًا، وأكثر ربحًا.

هاري دي سوزا يجسد حلفاء أمريكا الأوروبيين الذين يحاولون كبح جماحها وإدارة الفوضى الناشئة عن حماقتها المتكررة، بدافع الولاء واشتراكهما في نفس الأفعال الإجرامية وصعوبة تغيير الولاءات.

مع نهاية المسلسل، يُسجن كل من كونراد ومايف مؤقتًا، لكن دي سوزا لديه خطة لإخراجهما. لكن الابن الأوسط “كيفن هاريغان” يقرر ترك والديه في السجن مؤقتًا كدرس أخير، قبل أن ينقل زمام الزعامة إليه بمساعدة دي سوزا…

الموسم الثاني المنتظر سيُسلّط الضوء على صعود الزعيمة كات مكاليستر، ويبدو أن صراعات النفوذ ستتجدد.

يُظهر المسلسل كيف يمكن للعصابات بالمال والتهديد أن تشتري ذمم الشرطة وتُرهب العامة، تمامًا كما تفعل بعض الدول الكبرى اليوم، بفرض الهيمنة وإسكات المؤسسات الدولية عبر الابتزاز والتمويل والتهديد والترهيب.
Zaher Almnzoma Alaalmy Mr.zett


سقوط ايران:

سقوط إيران… لن يُنهي الصراع ولن يُفيد أمريكا هذا حقيقة ام لا؟.

عكست الكاتبة رؤيتها بشكل مباشر حيث كتبت: بالعودة إلى الواقع، يمكن إسقاط سيناريو المسلسل على المشهد الجيوسياسي الراهن في الشرق الأوسط. إسرائيل، مدعومة أمريكيًّا، تحاول القضاء التام على النظام الإيراني بكل قوة وعنف وعدم مراعاة للقوانين الدولية، بل تتعامل بمنطق العصابة التي تريد إبادة العصابة المنافسة بأي ثمن.

و السؤال المطروح: هل سقوط النظام وتدمير مقدرات إيران وتقسيمها سينهي الصراع في المنطقة ويحل بعده السلام؟ أم أن إسرائيل كعصابة إجرامية باغية ستسعى، بعد إسقاط إيران، إلى تصفية كافة المنافسين المحتملين مستقبلاً، مثل تركيا وغيرها من دول الإقليم، بهدف إحكام السيطرة وإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها فقط؟.

وهنا تبرز تساؤلات جدّية: هل ستقف دول المنطقة صامتة أمام تحول المنطقة إلى “ملكية خاصة” لإسرائيل؟.
وهل ستمر هذه الحروب وهذا الدمار دون عواقب وخيمة على المنطقة؟.

التجارب السابقة تقول إن دول المنطقة خسرت بسقوط بغداد، ولم يستفد أيٌّ منهم من إزاحة صدام حسين سوى إيران، وليس أمريكا الدولة الغازية، حتى إسرائيل الكارهة لصدام حسين لم تستفد من سقوط نظامه، بل ساعد ذلك على تعاظم الدور الإيراني ومد نفوذها في أربع دول عربية.

سقوط إيران لن يصب في صالح أمريكا أو إسرائيل أو حتى الاتحاد الأوروبي، الذي علّق أحد قادته، وهو المستشار الألماني ميرتس، عمّا يجري في الشرق الأوسط قائلاً: “هذا عمل قذر تقوم به إسرائيل بالنيابة عنا جميعًا.” وهو تعليق تنقصه الكياسة والدبلوماسية، ويذكرني بدور هاري دي سوزا في مسلسل “أرض العصابة”.
Almnzoma Online
Inter

الصين الرابح الاكبر:


اكدت الكاتبة، الرابح الأكبر من هذا الصراع قد تكون الصين، التي تراقب الموقف بصمت وذكاء، وتُدير استراتيجيتها بعناية. 

لم تُنهك اقتصادها في حروب لا طائل منها، وتُواصل إنتاج الأسلحة دون استنزاف لمخزونها الاستراتيجي، وتنتظر اللحظة المواتية لضم تايوان، ولو تطلب الأمر مواجهة عسكرية مباشرة مع أمريكا، لإنهاء الصراع المؤجل حول تغيير النظام العالمي وتحجيم الهيمنة الأمريكية لصالح عالم متعدد الأقطاب.

الخبير العسكري يوري بودولياكا له رؤية لدور الصين في الصراع الجاري، عبر عنها قائلاً: “الصين إذا لم تتدخل لمساعدة إيران خلال عشرة أيام، فستضطر طهران للموافقة على شروط مذلة، ولن تتمكن سوى الحفاظ على النظام الحالي”.

الصين هي وحدها التي لديها إجابة عن المستقبل القريب حول الصراعات العالمية الحالية، وقد تكون هي من تحسم تشكيل النظام العالمي القادم كما فعلت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، سواء بدعم حلفائها (روسيا وإيران) أو بحصاد ثمرة صبرها الطويل دون الحاجة لإطلاق رصاصة واحدة.

ثانوي من يحكم أرض العصابات؟:

  • مؤشرات نضعها في النقاط الاتية:
  • مسلسل “أرض العصابة” يطرح علينا سؤالًا وجوديًّا: إذا كانت الدول الكبرى تتصرف كعصابات، فما الفارق بينها وبين العصابات الإجرامية؟ الفرق الوحيد هو أن الأولى تمتلك شرعية مزيفة، بينما الثانية لا تحاول أن تزيف إجرامها، بل تجاهر به.
  • الرهان الآن ليس على من يملك الحق، بل على من يملك القوة والوقت والمال لإعادة صياغة قواعد اللعبة.
  • وتبدو الحيرة حقيقية حين نتساءل: هل سنظل طويلًا في “أرض العصابة”؟
  • المنظومة اونلاين، تنصح متابعيها بالاطلاع على مقال بعنوان (ملامح العالم الجديد، التشكيلات و التحالفات، و النظام الاقتصادي المنتظر، قراءة متكاملة من المنظومة أونلاين) أضغط هنا


Almnzoma Online
رئيس التحرير:
زاهر المنظومة العالمي - زاهر مستر ظط. 
تعليقات